الأحد، 1 يونيو 2008

أبو عيسى و الحوثيين و سجن السبعين (2 ) ..


بقلم / ضياء الشريف


أبو عيسى : ترى ماذا بعد ؟
ثم يضيف ( العسكري على الهامش ) : بل و سقط معسكر قارة في
جعملة بعدته و عتادة في أيادي الحوثيين .. معسكر قوامه 5000
جندي مرة واحدة .. الله يستر بس .
أبو عيسى ( في نفسه ) : هههههههه ، الآن عرفت ماذا يفعلون ..
إنهم يقلبون الأخبار في الجرائد و المواقع الإخبارية .. يعني
إذا قد قتلوا عشرين عسكري يقلوا قتلنا عشرين حوثي .. و إذا قد
شل الحوثيين مديرية يقلوا اقتربنا من الحسم ..
يرد أبا عيسى على نفسه : لكن لا يُعقل أن يستطيع أتباع الحوثي فعل ذلك كله ..
هذه دولة في مواجهة شوية عيال ..!
ثم يعلو صوت عقل أبي عيسى : يا أبو عيسى استعن بي و لا تستعن بالقيل و القال ؛
فأنت تعرف أن أتباع الحوثي يدافعون عن دينهم و مبادئهم .. في مقابل نفر من
العسكر لا يرجون سوى المرتب الشهري .. و " كم من فئة قليلة غلبت فئة كثيرة "
..
و بينما أبو عيسى يستمع لعقله .. لم يدر إلا و الجنود يجرونه .. هو لا يدري
إلى أين .. لكن ماذا سيفعل ..
فبينما و العساكر يجرونه إلى خارج الطقم .. ثم يسلمونه إلى جنود آخرين .. يلمح
أبو عيسى صاحب الميري 2 مطالبا الضابط الذي تم تسليمه إليه بمكافئته على
تبليغهم عن أبي عيسى ..
أبو عيسى محادثاً نفسه : يعلم الله ما عيدوا له !
لكن لم يستطع أبو عيسى متابعة الحوار بين الضابط و صاحب الميري 2 .. إذ أن
الجنود يتسابقون على دفعه إلى داخل السجن ..
في السجن أروقةُ غريبة .. كأن أبو عيسى يُجر إلى تحت الأرض .. و بينما هو في
الأروقة .. إذا به يرى في إحدى الزنزانات جارهم منصور الذي يقول أهله أنه
مغترب في السعودية منذ 6 أعوام .. يا للدهشة .. ما الذي تفعله هنا ؟ ( أبو
عيسى مناديا )
منصور مجيباً : لا أعرف .. و لا أعرف متى سأخرج .. أهلا بك بيننا ..
طبعاً لم يستطع أبو عيسى التوقف للحديث مع منصور ؛ هو ليس في نزهة .. و كلما
أراد التوقف ضربه أحد الجنود بمؤخرة البندقية التي معه ..
لكن أبو عيسى يريد التوقف هذه المرّة .. ليس من الإرهاق فحسب .. لكنه رأى
أحدهم في زنزانة أخرى .. إنه صديقي عبد الرحيم الذي صلينا عليه صلاة الغائب
قبل خمسة عشر عاماً بعد اختفائه و وصول خبر موته إلى أهله ( أبو عيسى مخاطباً
نفسه ) ..
و أبو عيسى يقترب من مقر إقامته القادم .. و يسمع أصواتاً كثيرة .. صوت الصياح
.. و صوت السياط .. و ربما أصوات كلاب بوليسية ..
لكن في الأفق الذي يقترب أبو عيسى منه يبرز صوت آخر .. أصواتٌ جميلة متناسقة
..
إنها تردد " الله أكبر .. الموت لأمريكا .. الموت لإسرائيل .. اللعنة على
اليهود .. النصر للإسلام "
هنا عرف أبو عيسى أنه اقترب من غرفته ..
أخيراً وصل أبو عيسى إلى زنزانته .. فيُرمى به إلى ظلام لا ضوء معه ..
و في الزنزانة .. التي لم يعرف أبى عيسى حجمها .. ربما مترين في متر .. أو
أكبر أو أصغر .. قد يكشف الصبح ذلك ..
لم تكن الزنزانة انفرادية .. بل كانت مليئة بالحوثيين .. و أبو عيسى الضيف
الجديد لا يعرف عن الحوثيين إلا ما قرأه في تلك الجرائد ..
و يسمع أبو عيسى أحد أولئك الحوثيين يتغنى بزامل :
" يا صقر يا ذي في السما ** يا فارق الأجناح ** سلّم على سيدي حسين
** و قله إن احنا معاه ** نفداه بالأرواح ** في نهج ربي صامدين "
و يقول آخر :
" يا ليتني طاير و اطير ** لا عند بدر ابن الأمير ** حسين اشوفه
و أبو عيسى يقول في نفسه : ألا يعرف هؤلاء أن حسين بدر الدين قد قُتل .. ربما
سُجن هؤلاء قبل مقتله .. و افتقدوا مصادر الأخبار .. و ما الذي فلعه بهم حسين
بدر الدين لماذا يعشقونه هكذا .. و قد أودى بهم اتباعه إلى هذا سجن كهذا .. ؟
أراد أبو عيسى الذهاب إلى المُستراح .. فمنعه السجانون .. فالقانون لا يسمح لك
بالذهاب إلا أربعة مرات في اليوم ..
و نام أبو عيسى بعد العناء و التعب .. بعد أن أدرك أن عرض زنزانتهم لا يسمح له
بالتمدد .. فنام مثنيا .. و لم يستفق إلا على صوت أحدهم و اسمه الأشتر ..
يناديه لصلاة الفجر ..
سأله أبو عيسى : و هل تصلون يا أتباع الحوثي ؟ .. ظننتكم لا تعرفون عن الإسلام
شيئا ..
عرف الأشتر أن أبا عيسى ليس حوثيا .. بل أدخلوه إليهم بالخطأ .. فرق قلبه لحال
أبي عيسى .. و لما سيلقاه من مصير جراء اشتباهه منهم ..
و لما طلع الصبح .. و الشمس تراود سجنهم من شبه نافذة .. أفاقت حرارتها كل
النائمين .. و قام أبو عيسى و هو يقول لنفسه : ما جابني هانا قدني في بيتي ..
يا الله فرجها ..
و أبو عيسى يحن لعادته القديمة ( قراءة الجرائد ) لكن أين .. فلتصبر يا أبو
عيسى .. أنت من اخترت هذا المصير ..
و إذا ببارقة أمل تدغدغ قلب أبي عيسى .. منشورات يوزعها السجانون على أصحاب
تلك الزنزانة .. يظنها أبو عيسى مقالات مفيدة ( لعله يجد بديلاً عن الجرائد )
.. فيقرأ ما فيها ؛
" الجيش على مقربة من آخر معاقل التمرد " !
" القوات العسكرية على موعد لحسم التمرد " ..! ؛
" الجيش يحرز تقدماً ملحوظا في محافظة صعدة " !! ؛
يندب أبا عيسى حظه الغابر .. طبعا نعرف ما الذي فعله أبو عيسى .. نعم لقد مزق
المنشور .. واحتفظ بجزء من قصاصاته كي تنفعه في الخلاء ؛ إذ أن وسائل الطهارة
هناك محدودة ..
و الأشتر يراقبه متعجبا .. فيسأله .. لماذا فعلت ذلك .. لم قطعت المنشور ؟
يجيبه أبا عيسى ؛ فيحكي له قصته مع الجرائد التي ساقته إليهم .. فتخالط الضحكة
الحزن في وجه الأشتر ..
الأشتر : سأعطيك بديلاً عن الجرائد .. بديلاً ثمينا .. سيغير مجرى حياتك ..
أبو عيسى : و ما ذلك ؟
الأشتر : هي ملزمة للسيد حسين بدر الدين الحوثي ؛ احتفظت بها .. و لا يدري
الجنود عن تواجدها هنا ..
أبو عيسى في نفسه : الرجال يشتي يقلبني حوثي .. لكن لن أخسر شيئا .. سأقرأ و
ما وقع يوقع ..
أبو عيسى : حسناً هاتِ ما عندك وناوله الأشتر تلك الملزمة ؛ و أبو عيسى يفتح الصفحة الأولى و

الفضول يقتله لمعرفة ما عند هؤلاء .. ثم تشده الكلمة تلو الكلمة .. تلك الكلمات التي كانت
تنطلق من فم السيد حسين كالدرر ..
والأشتر يدعو الله في قلبه لأبي عيسى .. أن يشرح الله صدره .. لكنه يرى وجه
أبا عيسى يتغير و يتبدل .. ترى ما الخطب ؟؟
سنعرف ذلك في الجزء القادم ،،


ليست هناك تعليقات: