الأربعاء، 11 يونيو 2008

حرف سفيان.. مقبرة الأحياء منذ قيام الثورة وحتى قيام "الحوثي"

لم يسمع بها أحد إلا بعد أن دمرتها الحرب


كتب / أسامة حسن ساري
osama_sar@hotmail.com

المقدمة:
الإفراط في استخدام القوة لإثبات حضور القانون وفرضه على المواطنين دون القادات والمسئولين، لامتلاك الأخيرين حصانة أمام القانون والدستور.. أصبح ديدناً سلطوياً يعزف النظام على أوتاره المتفجرة في مختلف المواقف.. ذلك ما تعكسه مشاهد الدمار والحرب القائمة في "حرف سفيان".
كان بإمكان النظام إثبات مصداقيته، وردم فجوة الثقة القائمة بينه وبين عامة الناس في "سفيان" وغيرها من مديريات البلاد.. من خلال استخدام أوراق أخرى في اللعبة السياسية القذرة، بدلاً من إزهاق الأرواح وتضييع المصالح الوطنية.
خذوا لمحة عن مديرية "حرف سفيان" التي خرجت من رحمها وترعرعت منسجماً مع آلامها وآهاتها.. لتعرفوا طبيعة الحضور الذي سجله النظام فيها منذ قيام الوحدة اليمنية وحتى اليوم.. لن نتحدث عن ما قبل الوحدة لأن النظام لا ينكر انشغاله عن التنمية و الإعمار والبناء آنذاك بتثبيت الحاكم على الكرسي وزمرته ، والتخطيط تحت مظلات شعارات ومسميات زائفة لاغتصاب الوحدة.


بعد عام 1990م كانت سفيان كغيرها ضحية أهداف الثورة التي تم إجهاض نموذجيتها ووطنيتها والاحتفاظ بمكاسبها الشخصية.. ثم ضحية لحرب صيف 1994م.. كونها المقعد البرلماني الوحيد في المحافظات الشمالية للحزب الاشتراكي في انتخابات 1993م، لذا غربلتها الأحداث وانتصارات معسكرات النظام على الشعب.. وصنفتها ضمن قائمة المنفيين "المغضوب عليهم".. وورَّث النظام حقداً قارساً تجاه "سفيان"، عكس نفسه على مسارات وانحرافات برامج التنمية في المديرية عامة.. حرمان شامل من مختلف المشاريع الخدمية والتنموية وحتى على مستوى أبسط مقومات الحياة، كالتعليم والخدمات الصحية.. لا شيء باستثناء مدرسة ومركز صحي تم بناؤهما من قبل الحكومة السعودية قبل قيام الوحدة.

• أخفقت مساعي أبناء وقبائل سفيان لاستخراج مشاريع تنموية أو خدمية، وفرض عليهم أن يكونوا فقط عسكر على قاعدة "خليك في البيت".
لم يكن أمام أبناء سفيان الساخطين على نظام صادر حقوقهم وحرمهم من العدالة والمواطنة المتساوية، إلا الخضوع لنتائج الانتخابات النيابية في 1997م ليصعد مرشح المؤتمر إلى البرلمان بقاعدته الشعبية الضحلة.. ذلك ما أكده أحد أبناء سفيان المعاصرين "خالد محسن".. وحسبه أيضاً.. لجأ المؤتمر في الانتخابات الرئاسية والبرلمانية التالية لانتخابات 97م إلى تزوير أكثر من 8 آلاف بطاقة انتخابية وهمية بحيث أصبح الواحد من أبناء سفيان يملك ما بين 5-10 بطاقات انتخابية بأسماء وهمية وصورة شخصية مقتطعة من الجرائد والمجلات العربية والعالمية.. أي أن كبار الكتاب والسياسيين ونجوم السينما والطرب ورجال الأعمال العرب، يعتبرون ناخبين في حرف سفيان.


**خدمات للابتزاز**

حضور النظام في "سفيان" لم يبن على ثقة قوية أو قاعدة شعبية حقيقية.. بسبب سخط أبناء المديرية من سوء اختيار النظام لـ"ممثليه" في حرف سفيان.. يختار شخصيات ليس لها ثقل اجتماعي.. فهم - كما قال مقبل صالح عاطف – مسئولون "بمستوى يقرأ ويكتب.. ويغتسل في كل مناسبة عيدية".. وشخصيات نيابية وفي المجالس المحلية تحرص على تسخير الوقت والجهد لإخراج مشاريع مياه ومدارس وطرقات لمناطقهم - التي تبعد عن مركز المديرية ومناطق الكثافات السكانية عشرات الكيلومترات - فقط وكأنهم لا يمثلون مديرية كاملة.. باستثناء مشروع مياه لم ينجز بعد، وتعرض للدمار بأسلحة الجيش في مدينة الحرف.. وأيضاً شبكة اتصالات الهاتف الثابت يتم توزيع خطوطها - كما قال عاطف - بصورة نخبوية ولمن يدفع "حق ابن هادي".. وكذلك مولد كهرباء عملاق بإدارة غير حكومية تم توصيل شبكته الكهربائية إلى كل منزل في المدينة باشتراك دخول يربو على 25 ألف ريال من كل مواطن..وفاتورة شهرية اجتهادية وليس اعتماداً على قراءات العداد .. لكن لمدة عام فقط.. ثم بدأت مسيرة الابتزاز والاستغلال السيئ للخدمة.. كل ثلاثة أشهر يتعطل مولد الكهرباء بدون سبب، وكي يعود للعمل ينبغي أن يدفع كل منزل "خمسة آلاف ريال" ويجمعون ما يعادل قيمة ثلاثة مولدات عملاقة.. وهكذا لمدة ثلاث سنوات استمر وضع الكهرباء بابتزاز فصلي.. ثم سنة من التوقف التام، حتى تم جمع قرابة مليون ريال من المواطنين إلى جانب تبرع الحكومة بمليون ريال لإصلاح المولد وتم استلام المبلغ ولم يتم تسليم الطاقة للمواطنين.


**المؤتمر "يزيد الطين بلَّة"**


90% من قرى وعزل مديرية "سفيان" لا تعرف المقصود من خدمات الدولة.. والأسوأ من ذلك أن المؤتمر الشعبي "زاد الطين بلَّة" في انتخابات المجالس المحلية حين بسط على محلي المديرية مرشحوا المؤتمر رغماً عن أنوف البسطاء و70% منهم " أميون أو يقرأ ويكتب " لا يفقهون معنى التنمية والمصلحة العامة.

• إلى وقت قريب كنت اعتبر حرف سفيان مقبرة الأحياء.. ومشائخها عندما يدخلون إلى صنعاء للمراجعة فليس إلا لهثاً وراء المعاشات، لأن معاملة المشاريع الخدمية قالت لهم السلطات أنها ليس من اختصاصهم بل من اختصاص المجلس المحلي.. أو عندما يقابلون رئيس الجمهورية سواء باستدعاء من قبله أو بملاحقة من قبلهم تستمر عدة أسابيع وتتأجل لـ 4-5 مواعيد.
وعندما يقابلونه - كما يقول ماجد محمد صالح - يزيِّن لهم الشيطان مصالحهم الشخصية فيحققها الرئيس.. وتتأجل مصلحة المديرية.. وهكذا.. والفجوة بين النظام وبين عامة أبناء سفيان قائمة.. والانتماء إلى الحزب الاشتراكي أو الرفض وعدم الاعتراف بالنظام الجمهوري هو السائد في اتجاهات معظمهم إلا ذوو المصالح الخاصة والربحية.
يقول "ماجد" أن حرف سفيان مقبرة أهلها منذ عقود.. واليوم أصبحت مقابر جماعية لأهلها بفعل القصف الشديد بالمدفعيات وسلاح الجو وضراوة الحرب..

ولأن الرئيس يمنّ – دائماً- على الوطن والمواطنين.. ويذكّرهم ببطولاته وما يقدمه لهم من هبات وصرفيات ومشاريع لمناطق دون أخرى..متناسياً أنه ملزم بذلك قانوناً وليس له فضل على أحد.. إعتقد أن مشائخ وأبناء سفيان سيذكرون فضله النخبوي عليهم.. فأطلق العنان للجيش ليحرق الأخضر واليابس فدمرت مدينة الحرف عن بكرة أبيها ويدمرون حالياً ثلاث قرى أخرى مجاورة للمدينة بذريعة القضاء على أنصار الحوثي.

والمشائخ لم تتضح مواقف بعضهم من طرفي الحرب.. وربما ذلك ما دفع الرئيس في اتصال لأحدهم قال فيه :" أنتم عين على اللحمة وعين على المرق".. بمعنى تنتظرون المنتصر لتأكلوا من إنائه.. إلا أنهم يرون أن الرئيس هو الجاني على نفسه بسبب انفلات النظام وعدم ضبط المفسدين إذ يدفع المواطنين للوقوف في صف الحوثي وتفضيله على الاستمرار في تجرع مرارة الوضع البائس.. نتيجة مصادرة النظام لحقوقهم وإجهاض مشاريعهم الخدمية والتنموية من استراتيجيات التنمية وخططها مما يجعلهم يستشعرون بنظرة النظام القاصرة نحوهم كأنهم من كوكب آخر..
فمن خلال أحاديثي مع بعض أبناء المديرية اتضح أن سؤ اختيار النظام لممثليه في المديرية هو سبب تفشي الظلم واستغلال المصالح العامة واستثمارها من قبل المتزلفين ومسئولي المديرية الحاصلين على مؤهلات عالية في الأنانية و حب الذات.. وأكد معظم أبناء المديرية أن أيادي ممثلي النظام فيها لعبت بمكر شديد لتفجير الوضع في الحرف طمعاً في تحقيق مصالحهم الضيقة.
وباستثنائهم فإن جميع وجهاء وأبناء سفيان تتمزق قلوبهم حسرة وكمداً بسبب إقدام الجيش على تدمير مدينة الحرف ومحوها من خارطة اليمن دون وضع اعتبار أو أهمية لسكانها الضعفاء والفقراء.


***المشائخ.. والرئيس***

ما علمته يوم الجمعة الماضية من مصادر مطلعة ومقربة من رئيس الجمهورية - فضلوا عدم ذكر أسمائهم - أن الفندم "الرئيس" اتصل بالشيخ بكيل حبيش يؤنبه على التهاون وعدم الوقوف بجدية - رغم أن آل حبيش خسروا أحد مشائخهم في الحرب وفتحوا الطريق للجيش إلى مدينة الحرف - فقال له الشيخ حبيش:
"يا فندم أنت اخترت شخصيات تمثلك ووثقت بهم وأوهموك أن الأمور مسيطر عليها وهادئة.. ونحن حذرناك منذ وقت مبكر من أن سفيان بنسبة 80% حوثيون لأنهم ساخطون ثم قدمت لنا وعود كاذبة".
ومن خلال بعض عقال قبائل سفيان علمت أن الرئيس بعد أحداث حرب "مران" عام 2004م اجتمع بمشائخ سفيان وحرص على شراء ولائهم لحماية بلادهم.. واعتمد لهم مقابل ذلك 500 اسم عسكري يسمونها ويستلمون رواتبها كيفما شاءوا.. ولكن إرادة الله تدخلت ليبقى أبناء سفيان أحراراً وغير خاضعين للمزايدات.. فما كان من ممثلي النظام في المديرية إلا أن سعوا لمحاولة استثمار هذه الأسماء وعرقلتها - رغبة في الاستيلاء عليها دون غيرهم - فهبط العدد إلى 200 اسم، مع ذلك لم تنجح المساعي وخسروا كل شيء.

علَّق على هذا أحد أبناء المديرية الحاج يحيى محمد سالم قائلاً: "كيف لا يسخط المواطنون البسطاء ، وهم مرميون في بؤر الجوع والحرمان".. وحتى على مستوى أكثر من ألف اسم في الشؤون الاجتماعية تم توزيعها لمن لا يستحقها.
والتعليم يضم مجموعة مدرسين بمؤهلات "التعليم عن بُعد" بعضهم لا يستطيع قراءة الفاتحة بشكل جيد.. والخدمات الصحية نهب وسلب وفساد ومخالفات قانونية في فتح صيدليات وعيادة لصالح مسئولي الصحة في الحرف، واستثمار شخصي للمشاريع والخدمات - كما يؤكد علي البروي-.
* فكيف لا يسخط المواطنون يا أفندم؟!.. فإنما هي " يداك أوكتا .. وفوك نفخ".


***حماية مجانية***


ذات المصادر أكدت لي أن مجموعة من كبار مشائخ سفيان ووجهائها استدعاهم الرئيس يوم الأربعاء من الأسبوع الماضي.. وأثناء اللقاء بادرهم بالقول: "هذه آخر مقابلة لكم معي طيلة حياتي".. فوجئوا وضحكوا بسخرية واندهاش.. حاولوا التلميح له إلى حقوقهم فقال لهم الفندم: "احموا بلادكم من الحوثي مجاناً.. واختاروا إما معي أو معه، فإذا لم تحموا بلادكم سوف أحميها بالجيش.. وأحرق الأخضر واليابس".
الصدمة كانت من نصيب مشائخ سفيان.. فقال أحدهم للرئيس: (يا فندم لا يوجد أجير من دون أجرة.. وأنت تعطي غيرنا فلوس بـ"الشَيْوَلْ").. فضحك الفندم، ولم يتغير موقفه..


***مأساة النازحين***


المأساة التي تكرر نفسها بصورة مختلفة، أن مئات الأسرة النازحة، من مدينة الحرف بدون مأوى أو غذاء أو دواء.. ولكن المعنيين لم يشعروا بالظلم الواقع على هؤلاء النازحين، وآلامهم لا تستثير وجدانهم وتدفعهم إلى مطالبة السلطة بتوفير الإغاثات.. بدلاً من المطالبة بأثمان صمتهم على هذا الجور.
• هذه هي حرف سفيان يا فندم.. وضع يولِّد حالة هستيرية من الهوس العاطفي وتأنيبات الضمير "لمن يحملونه".. كثير من طلابها يتعلمون تحت أشجار السدر "لا توجد مدارس".. وكل أبنائها اليوم يشربون من البرك والمياه الراكدة.. ويقضون لياليهم وأسمارهم على ضوء الشموع والفوانيس..عرضةً للأوبئة والعدوى.
• إنها حرف سفيان.. بُعدٌ آخرٌ يتلوى في متاهات الأزمان.. لا أحد يسمع بهذا الاسم.. إلا بعد تدميره وانتقاله إلى عالم لامرئي.. مأساة فعلاً .. أن تتناول الفضائيات ووسائل الإعلام المحلية والخارجية ذكرك وأسمائك فقط عند وفاتك و انمحائك من الوجود.. فوق هذا لا تذكر لك أي فضائل.
ما يحدث في "حرف سفيان".. نسخة مما يحدث في صعدة وبني حشيش تجار حروب.. وأيادي عابثة على علاقة قوية بالنظام.. و مشائخ لا يفقهون أنهم هدفٌ أول لهذه الحرب الطامة التي تختلقها السلطة.
ولن يفقهوا أبداً أن حبهم للرئيس وإيمانهم بمشروعية إدارته للفساد ، لن يمنع حاشية الفندم وأصفيائه من مدنيين وعسكريين من الكيد للمشائخ تصفية ً لأنصار الرئيس ، وتمهيداً لتفعيل استراتيجيات ومخططات خارجية لبعض دول الجوار تربي نظاماً جديداً مصدّراً لا يقبل بتعددية ولا بهاشميين ولا بشيعة زيدية.. وإنما نظام ومجتمع شديد المرونة " بيبي جوي".. قابل للتطبيع والتأقلم مع مختلف التيارات والفكر الصهيوأمريكي والعولمة كمتلقي فقط .. لا مشارك.. علاوةً على الزج بالرئيس نفسه في مستنقعات موحلة تنجم عن الأزمات والحروب الداخلية و صوملة اليمن..فالحاشية والطوق المدني والعسكري المحيط بالـ"فندم".. طموحون كغيرهم وربما سئموا البقاء في الظل بينما غيرهم يحصد النقاط والأرصدة البطولية في سجلات التاريخ.. فأوقف الحماقات يافندم ، أو تحمل النتائج ، .. فإنما هي " يداك أوكتا.. وفوك نفخ".

• أحد النازحين من أبناء الحرف.. فارس محسن جابر.. أكد أن مأساة النازحين يندى لها جبين كل حر وشهم ووطني خالص الإنسانية.. إنهم مشردون في الجبال والشعاب والوديان بلا غذاء أو دواء أو أغطية.. سيّما أن معظمهم أطفال ونساء .. وقال فارس:
- "تم اعتماد إغاثة لنا من قبل الدولة و مختصوا الهلال الأحمر، ولكن سمعنا أن محافظ عمران ألغاها و حرمنا من هذه الاستحقاقات الإنسانية بحجة أن هذه الإغاثات لن تذهب لنا و إنما للحوثيين.. فحرمونا حرماناً مضاعفاً.. فأول قافلة إغاثة أرسلها إلينا الهلال الأحمر نهبها بعض قبائل حاشد على مرأى ومسمع من الجيش والأجهزة الأمنية.. واعتقد أن خيام النازحين ستتحول غداً إلى براكين ناقمة وساخطة وأصحاب مظالم سئموا التشرد والاستسلام للذل.. فلن نقبل أن يدفننا النظام للمرة الثالثة ونحن أحياء.. فالمرة الأولى تعرضنا على مدى سنوات للتهميش وتجاهل وجودنا في اليمن، وحرماننا من المصالح الخدمية.. والثانية تدمير مدينتنا ونهب ممتلكاتنا.. والثالثة لن نقبل بها.. ولن نظل "موتى أحياء" في خيام نائية يتجاهلنا الجميع وينتظرون نهب ما يجود به علينا الهلال الأحمر من فتات وصدقات.. وعلى محافظ عمران أن يعيد النظر في الإغاثة الخاصة بنا".

**صَبَرْنا ثم دافعنا**


ما يحدث في "حرف سفيان".. هو ردة فعل وأثر رجعي لسنوات طويلة من الظلم والفساد والاستهتار بالإنسانية والمصالح الوطنية وتمييع قيم الحياة .. وعدم المساواة ولو حتى أمام القضاء بين الطبقات الاجتماعية.. وهو بمثابة ثورة اجتماعية على التمييز العنصري و المناطقية والطائفية التي تنهش لحم اليمن ككل.
• بعض المواطنين النازحين يحملون أنصار الحوثي مسؤولية التمترس في المدينة مما تسبب في دمارها وضياع ممتلكات سكانها.
في هذا الخصوص اتصلت بأحد أنصار الحوثي من أبناء الحرف - جار الله علي - يلقبونه "أبو زيد".. والذي جاء على لسانه:
* "يا أخي أين نذهب بالله عليك.. نحن من أبناء مدينة الحرف أكثر من 50 شاباً نردد الشعار المناهض لأمريكا و إسرائيل ، ونرفض أي حروب داخلية، لكن تضاعف اعتداء السلطة علينا.. فمنذ عام 2004م وحتى اليوم.. كانت عناصر الجيش وأطقمهم يداهمون بيوتنا ويعتقلوننا ليس لغرض تنفيذ القانون، وإنما ليقوم آباؤنا بإخراجنا من السجن بعد دفع 50 ألف ريال لقائد الكتيبة الرابعة التابعة للفرقة.
وهكذا ظلوا يتسلطون على منازلنا ويهتكون حرماتنا ويقتحمون المنازل في الليل وليس فيها إلا النساء والأطفال ليستمروا في ابتزازنا.. لم نقاتل أو نعتدي.. وكنا نخزن نحن وأفراد من الجيش في كثير من الأوقات.. ولكن يداهمنا عناصر قائد الكتيبة معظم الأيام وكلما احتاج نقود.. ويسجن أولياء أمورنا.. كي يدفعوا.. وإذا لم يظفر بنا أو بأقاربنا يرسل طقم ودبابة لتدمير مزارع القات حقنا.. وصبرنا كثيراً عسى أن يتدخل أي رجل رشيد.. و أسألوا مشائخ البلاد عن هذا.. وسيؤكدون لكم صدق قولنا.. هذه مدينتنا وبيوتنا.. أين نذهب منها.. علماً أن الدستور والقوانين التي لم تقف يوما إلى جانبنا لا تعطي الرئيس ولا الجيش أي حق في مقاتلة الشعب تحت أي مبررات كانت ، فما بالك بالادعاءات الكاذبة لتبرير حربهم علينا.. فاضطررنا مع تزايد المضايقات في الأيام الأخيرة إلى الدفاع عن أنفسنا".
آخر من أنصار الحوثي في الحرف - علي محسن - قال:
- "كُنَّا قليل جداً.. ودافعنا عن أنفسنا.. لكن القصف دمر المدينة وتم نهب الممتلكات فكثر الذين يدافعون عن أملاكهم وحقوقهم.. وقلنا يكفي ظلم وحرمان".


**يداك أوكتا.. وفوك نفخ**

جميع من تحدثت معهم من أبناء سفيان من ضحايا ونازحين أو من أنصار الحوثي.. يؤكدون أن النظام أقصاهم وغيَّب قضيتهم الحياتية عن طاولاته.
وهم مواطنون تتكرر صورهم وتتشابه أحلامهم في صعدة وصنعاء وتعز والضالع وحجة ولحج وشبوة وأبين وعدن والحديدة وإب وغيرها.. تلتقي طموحاتهم وتطلعاتهم عند أبواب النظام الموصدة أمامهم.. إنهم رؤى حياة.. وطلائع نور أبجدتها ثلاثون عاماً من اتكاء ذات الوجوه على أحلامهم البريئة.
إنهم شباب أثخنته الجراح.. يحب الوحدة.. وينتمي إلى الأرض وينبتون من طهرها.. ربَّتهم الأزمات والمعاناة.. وهم صنائع الحرية، أطاعوا القانون فلم يطعهم، وانتموا إلى الديمقراطية فاستوحشت منهم.
ما يحدث في "حرف سفيان".. شباب تجولت أعينهم على خرائب بيوتهم.. وشاهدوا العسكر يقتلعون النوافذ والأبواب بالفؤوس و"المفارس".. ويخربون جدران المنازل بحثاً عن خزانات سرية للنقود والمجوهرات.. ويجمعون المفروشات والستائر والملايات ليتبولوا عليها ثم يرمونها في البيارات أو يعجنونها بالتراب ومعظمها يحرقونها ليحرموا الناس منها.. ويحطمون البلاط وأدوات الطبخ.. وينهبون البطانيات والدواليب واسطوانات الغار وملابس النساء والأطفال..
بل أسوأ من ذلك.. شاهدوا امرأة بريئة تحاول دخول منزلها برفقة نساء أخريات.. في موقع بعيد عن مدينة الحرف وعن الحوثيين.. لتأخذ ملابسها فمنعها حماة الوطن من دخول بيتها بعد أن احتلوه وعبثوا بمحتوياته.. وصوبوا البندقيات إلى صدرها النقي.. ثم أطلقوا الرصاص من فوقها لإرعابها.. وهي تلجأ إلى الله تعالى أن يعيدهم إلى أهاليهم في أكياس "قمامة".
هذا يا فندم ما حدث ويحدث في حرف سفيان ويثير الناس على النظام.. فالمعذرة يا دولتنا.. المعذرة يا سلطة.. المعذرة أيها النظام.. "يداك أوكتا.. وفوك نفخ".


ليست هناك تعليقات: