الأحد، 1 يونيو 2008

كلهم مجانين يا أخ محمد



كتب/ اسامه حسن ساري
osama_sar@hotmail.com

**الزميل محمد المقالح حتى وهو محجوب عن الشارع مصمم على كسر الحجب وكسر القيد وتجاوز الجدران..انه يقدم رسالة للرأي العام والساسة والتبعيين أن الصوت الحر يظل جهورياً مهما كمموا لسانه.. وأن للإنسان كرامة واحدة وحرية لاتغيبها السجون والمعتقلات..وأن انتهاك الكرامات وسلب الحقوق والحريات ليس إلا نتاج الصمت والخنوع والاستسلام..

** يا أخ محمد.. لماذا تستغرب الصمت الحزبي والمدني والاعلامي وعدم وجود اعتصامات ومسيرات سلمية وتضامنية مع ضحايا حرب صعدة.. أو تنديدات ومطالبة بإيقاف الحرب ضد التيار الزيدي والهاشميين؟.. كل هذه الأطراف محايدة " لاناقة لها ولا جمل " فيما يحدث لليمن عامة من انتكاسات وأمية وجهل ونهب ودمار..لأنها أطراف مبرمجة..ألم توقن بعد انك أحد ضحاياها.. ليس لهم مواقف جادة تجاه قضيتك..وإنما إسقاط واجب حرجاً من ردود أفعال الرأي العام..

** معظم هذه الأطراف صنيعة الرئيس.. وأتباعها صنيعة علي محسن وعيال الرئيس وأولاد عمه..
هل تتذكر يا أخ محمد مواقفهم المتخاذلة وتسليمهم بالنتائج المزيفة لمسرحية الانتخابات الرئاسية الأخيرة وكونهم جزء ضئيل الحجم من سيناريوهاتها..
السلطة هذه الأيام مثلما فعلت في الانتخابات تنفق من الخزينة العامة مئات الملايين لشراء ولاء المشائخ والأحزاب والمنظمات والاعلام..وحتى ولاء القادات العسكرية أنفسهم لأن الجميع يرفض هذه الحرب.. ولكن ليس عندما تتجلى مصالحهم وأرباحهم من أثمان الدماء..

** ربما لم تعلم أن الشيخ مجاهد القهالي وزع على مشائخ سفيان وأعيانها وعلى أبنائهم قبل اسبوع مبلغ 30 مليون ريال لكي لا يتعرضوا للحملة العسكرية التي رافقها إلى مشارف مدينة آل عمار..رغم أنهم ليسوا من أنصار الحوثي..

ربما لم تعلم أيضاً أن أصفياء السلطة وأعوانها ومحرضيها على الحرب..عقدوا ندوة برئاسة الدكتور عبدالكريم الارياني وشارك فيها عدد من العلماء والمفكرين الاسلاميين العرب واليمنيين يتحدثون عن قيم التسامح وحوار الأديان..بعد يوم واحد من قيام ميليشيات مسلحة من قبيلة المعامرة التابعة لقبائل حاشد بالتعرض لقافلة إغاثة تابعة للهلال الأحمر ونهبها وهي متجهة إلى حرف سفيان لإغاثة مئات الأسر النازحة.. وقال الناهبون أنهم أيضاً بحاجة إلى خيام ومؤن..بتغطرس وتكبر واستخفاف فعلوها وقالوا عذرهم على مرأى ومسمع من الجيش والرئيس وعلي محسن ويحيى وعمار وغالب وأحمد علي وغيرهم من أدعياء القوة وحماة الوطن..

وسكوت هؤلاء رضى مطلق عن الفعل وضؤ أخضر لنهب كل قوافل الإغاثات..لأن الصمت أصبح المبدأ والركيزة الأساسية للديمقراطية المزعومة في اليمن.. وهو تعبير تربوي يتسلسل من عند الرئيس وصولاً إلى قاطع الطريق..المأساة أن شيخ القبيلة التي نهبت القافلة معين بقرار جمهوري وكيلاً لوزارة التربية والتعليم.. ليعنى بتربية الأجيال على التخلف والجهل..

**يا أخ محمد إن الغيث لا يُرَجّى إلا من السحب.. وليس من الغبار الذي يعمي الأبصار ويتسبب بعشرات الكوارث على الطرقات..

** يا أخ محمد.. إنه مستنقع سياسي عفن .. تمخضت عنه معظم تلك الأحزاب والصحف والمثقفين ومعظم المراسلين والسياسيين والأكاديميين..بما فيهم جمعية علماء الرئيس التي تتحرك بريموت كنترول الفندم وتصاغ فتاواها وبياناتها في مكتبه وطباعتها في سكرتاريته..

** يا أخ محمد.. تَقَيَّح صدري من كلامك.. ماذا تنتظر من الصحفيين والأقلام النفاقية بعد أن لفقت السلطة تهماً جسيمة على الرجل العظيم صاحب الكلمة الحرة الكاتب والناشط الحقوقي والسياسي عبدالكريم الخيواني.. ماذا تنتظر منهم وهم يشاهدون عنق الخيواني بين سندان الرئيس ومطرقة علي محسن..
ذلك لأنه تفاعل بكل جوارحه وجوانحه مع الانسان ، والوطن ، والطفل المدهوس ببيادات الضباط والعسكر وبمجنزرات المدرعات.. ومع المرأة المختطفة من قبل العسكر لتغيب بين أوكارهم دون أن يعلم أحد ماذا يحدث لها بين عديمي الانسانية..لأن قلمه تطاول على فساد الرئيس وجرائم الفرقة ووحشية الأمن السياسي ، والمستقبل الدموي للأمن القومي.. ولأنه فضح الإرهاب وكتائب القتل القادمة من رحم دار الرئاسة..ورفض السلفيين التكفيريين ووقف مع الحق.. بينما الحق مكروه وممقوت من غير المؤمنين بدليل آيات القرآن في سورتي المؤمنين ويس~..

فلا تنتظر شيئاً من هذه الأقلام المنهارة قبل أن تبدأ.. ولا من بعض الأحزاب والمنظمات لأنها ليست شيئاً..وفاقد الشيء لا يعطيه.. فاقد الضمير لا يمنح الشعور بالآدمية.. لا تنتظر منهم شيئاً فكلهم دكاكين ربحية ليس إلا..

**يا أخ محمد.. وجِّه السؤال إلى الدكتور عبدالكريم الارياني الذي سقطت هيبة الريال اليمني نهائياً عندما تولى أول حكومة.. والذي خطط للوحدة وبرمج مساراتها لتحقق مصالح فئة دون الشعب.. اسأله واسأل العلماء والمفكرين الاسلاميين الذين شاركوا في ندوته..عن أي دين وعن أي قيم تسامح يتحدثون؟.. لماذا يتركونها مبهمة ويعومون كلامهم وتصريحاتهم.. عليهم أن يوضحوا لضحاياهم.. أهي قيم التسامح التي تلغي القانون والقرآن والانسانية عندما تصدر قرارات السلطة لمحو المدن وحماية " المرتزقة والبشمركة"..
أم قيم التسامح التي تشرِّع للسلطة مصادرة الحقوق والحريات والعدالة والمواطنة المتساوية ، واستخدام الجيش في أعمال وحشية ومصالح خاصة يتم تغليبها على مصلحة الوطن والمواطن.

أم التسامح الذي يعترف بمشروعية سفك دماء المواطنين الأبرياء شمالاً وجنوباً وإعتقال علماء الزيدية والهاشميين.. ثم استغفال عقول المواطنين وتلويث أفكارهم ومعتقداتهم من خلال القادة والأكاديميين والصحفيين والعلماء والمفكرين والساسيين التابعين للسلطة.. بينما لا يعترف بحق الحوثيين وأبناء المحافظات الجنوبية في الدفاع عن أنفسهم وممتلكاتهم وحقوقهم.. هل القيادة السياسية والبشمركة فوق القانون.. كما لا يعترف بمشروعية ثورة أبناء محافظة صعدة وضم بنادقهم إلى صف أنصار الحوثي ليجاهدوا..لأن الجيش والبشمركة هجموا على بيوتهم الآمنة وهتكوا الأعراض وقتلوا أطفالهم وأحرقوا مزارعهم ونهبوا ممتلكاتهم..

** نريد تسامحاً يمنح الطفل الحماية والحنان.. ويوقف أنهار الدماء.. ومهما كانت الأسباب الداعية لاستمرار الحرب.. فإذا كانت السلطة تنفي مشروعية قضية السيد الشهيد حسين الحوثي.. فإنها اليوم صبغتها بشرعية تامة وأصحبت حرب الدفاع عن النفس وحماية الحقوق والممتلكات والأعراض وردء الظلم.. كما أصبح موقف السيد عبدالملك وأنصاره أكثر قوة أمام الرأي العام لأن التسامح الذي تزعمه السلطة لم يمنعها من السماح للجيش السعودي بإسقاط عشرات الصواريخ على مدينة صعدة اليمنية..

** نريد تسامحاً يمنع توزيع الأموال العامة على المرتزقة والمشائخ مقابل توقيعاتهم على عرائض بيع قراهم ومدنهم بما حوت من أرواح وممتلكات خاصة لتدميرها ومحوها من الوجود الانساني..

** نريد تسامحاً يعزز القيم ويحافظ على الوجود الانساني ويحترم البشرية ويستشعر معاني الآدمية.. ويراعي المسنين ، ويصون الحقوق العامة ويعيدها إلى أهلها ، لا أن يبني بها متارس ويؤجج حروب..

** نريد تسامحاً مستمداً من التشريع السماوي "القرآن" وليس من مطابخ الساسة وفوّهات المدافع.. ولا من نظريات السياسيين والمطبلين.

** نريد تسامحاً لايزكيه الاعلام الرسمي وطاولات الأحزاب وجمعية علماء الرئيس والقادة والمشائخ.. بل يزكيه الشارع العام والبسطاء فقط.

** نريد تسامحاً لا يخرج من رحم دار الرئاسة ولا يستغل الجهل والأمية والفقر ليمرر مصالح النخبة الحاكمة.. ولايتحدث عنه الارياني وأعوان السلطة .. لأنه سيكون لمجرد الفضفضة والهروب من المسئولية ورمي أخطائهم وفسادهم على ظهور الأبرياء..

** إن السلطة معنية بإيقاف حرب صعدة لأنها هي التي أشعلتها.. ومعنية بإصدار وتنفيذ قرار حقن الدماء وسحب الصواريخ والكاتيوشات وإفراغ المصالح العامة والخدمية من الجيش لتعود الحياة إلى طبيعتها.. لأن ليس من حقها قتل آلاف المواطنين الأبرياء وآلاف العسكر.. بل عليها الاستقالة ومغادرة البلاد خجلاً من هزائمها وفشلها في إيجاد نظام وتكوين دولة مؤسسات فعلية.. وخجلاً من الأزمات التي تسببت بها..

هذه الحرب ليست إلا هروباً من أزمات عجزت عن معالجتها بعد افتعالها.. الحرب في الجنوب تغطية لحرب الشمال والعكس.

** أنت محق يا أخ محمد عن سؤال الصحف من اين تأتي بالأخبار المسربة عن الحرب.. الغباء في تلك الأخبار أن عناوينها تعلن عن تطهير مناطق مختلفة من أنصار الحوثي..وفي سياق الخبر يتحدثون عن مواجهات عنيفة ومقاومة ضارية من أنصار الحوثي في المواقع الأمامية وليس في المواقع الخلفية حيث يفترض التطهير.. وأيضاً بعد تقهقر الجيش عدة كيلومترات.. أخبار تم طهوها في مطعم علي محسن والشاطر.. لا تقلق.. الحقائق كلها مغيّبة وأيضاً الضمائر والعقول.

** أيها الصحفيون أنقلوا الحقيقة كما هي وكونوا حياديين في الطرح.. اجعلوا مصلحة الوطن نصب أعينكم.. فهذه الحرب جريمة والسكوت مشاركة فيها.. طالبوا بخروج الشارع للإعتصام والمسيرات السلمية والمناداة بوقف السفاحين عن هدر دماء الأبرياء والعسكر.

ليست هناك تعليقات: