الأحد، 1 يونيو 2008

أبو عيسى .. و الحوثيين .. و سجن السبعين ( 3 )



بقلم / ضياء الشريف

كان أبو عيسى يقرأ ملزمةً للسيد حسين بعنوان (( و إذ صرفنا إليك نفراً من الجن )) .. و يستغرق
في القراءة و التأمل .. لكن ما الذي غيّر وجهه ؟
لقد قرأ أبو عيسى كلماتٍ شدته و أثارت التساؤلات لديه ؛ ففي الصفحة الثانية مباشرةً وجد السيد
حسين يقول :
( نحن لم نأت بجديد ، نحن نشكو من الجديد )
أبو عيسى للأشتر : أيمكنني التساؤل ؟
الأشتر : بكل تأكيد ..
أبو عيسى : معذرةً ؛ و لكن أنا لم أعرفكم إلا من إعلام السلطة .. و قد ارتسمت في ذهنيتي صورة
أرغمتني عليها عدم محاولتي البحث عن أفكاركم من مناهجكم .. لكن كيف يقول حسين بدر الدين
أنه لم يأت بجديد .. و المعروف عنه أنه ترك المذهب الزيدي و صار اثني عشريا ! .. أنا أعرف
أن الانتماء إلى الاثني عشرية ليست تهمة كما تحاول السلطة إفهام الناس .. لكن ما حقيقة الامر ؟
الأشتر : و هذه من جملة أكاذيب السلطة .. و لو تابعت القراءة لوجدت خلاف ذلك ..
فيتابع أبو عيسى القراءة .. و فعلاً يجد الجواب من فم السيد حسين .. فبعد العبارة السابقة مباشرة

يجده يقول :
" نحن نشكو من الجديد الذي هو دخيلٌ على أهل البيت و على الزيدية ؛ إنه هو الذي ضربنا ، هو
الذي أثر علينا ، هو الذي فرق كلمتنا ، هو الذي جعلنا أذلة مستضعفين ، جلعلنا نصمت ، نسكت
على الرغم مما يواجه به الإسلام و المسلمون من قبل أعداء الله ، فأنا شخصياً ( السيد حسين
الحوثي ) لا أقول جديداً ، كتاب الله ، و ما نعلمه من قدماء أهل البيت _ صلوات الله عليهم _ و
منهجهم "
و أبو عيسى يتشرب الكلام كالظمئان ؛ يقول في نفسه " ألهذا الرجل سيقت جنود الدولة بقضها و
قضيضها ! " .. لقد تذكر قول الله تعالى ( أتقتلون رجلاً أن يقول ربي الله ) ..
يتساءل أبو عيسى ؛ من هم قدماء أهل البيت .. إلى من يشير حسين بدر الدين يا أشتر ؟
و الأشتر يجيبه : إن أهل البيت هم من أمرنا رسول الله صلوات الله عليه و على آله باتباعهم ، فقد
قال صلى الله عليه و آله : يا أيها الناس إني تركت فيكم ما إن أخذتم به لن تضلوا ؛ كتاب الله و
عترتي أهل بيتي .
أهل البيت هم علي و الحسن و الحسين ،
و زين العابدين ؛ و زيد ..
و محمد النفس الزكية ؛ و إبراهيم النفس الرضية ..
و القاسم ؛ و الهادي يحيى بن الحسين ..
هم الذين استمسكوا بكتاب الله تعالى .. و كانوا خير دليل ..
و أبو عيسى في غمرة استماعه .. مُهتاباً من ذلك الشاب الصغير الذي يمتلك من الكلام جوامعه ..
و لسان حاله يطلب المزيد .. فللهداية منطق لا يُمل ..
أثناء تلك اللحظات .. فوجيء أبو عيسى بالسجانين يدخلون على الزنزانة .. غير مراعين في الله
إلاً و لا ذمة .. مقتادين من في تلك الزنزانة إلى صالة قيل أن فيها بعض الوعاظ .. علّهم يثنون
الحوثيين عن أفكارهم ..
و في صالة الوعاظ .. و أتباع الحوثي يجلسون على الأرض و أيديهم مقيدة إلى أظهرهم .. و أبو
عيسى بينهم .. و تأخذ غمرة الفاجأة كيان أبو عيسى .. ترى لماذا !!
لقد شاهد أبو عيسى ذلك الواعظ الذي أتى ليعظهم ..ترى من الواعظ .. ؟
إنه ذلك المخبر ( صاحب الميري 1 ) الذي عرفه أبو عيسى عند مقهى النت يعمل على كتابة
التقارير و تزوير الأخبار من الجرائد التي يجمعها .. ربما من القمامة ..لقد رآه بلباس الزيدية

التقليدي ؛ العمامة ، و القميص و التوزة ..
أدرك أبو عيسى أنه في زمن الذئاب ، و أن من يعظهم ليس سوى أجير رخيص .. ابتاع نفسه

بزهيد ..
ثم يستمع إلى ما سيقوله ذلك الأجير ..
فما لفته سوى كثرة تكرار مصطلح أهل السنة و الجماعة ؛ و طاعة أولى الأمر ؛ و الروافض ؛ و
كيل من الشتائم التي لا تخرج من أبناء الشارع دع عنك من سواهم ..
و أثناء تلك الخطبة يقول : أن أتباع الحوثي لا يعرفون حتى بتفاصيلِ أبسط قواعد اللغة العربية ..
فيرد الأشتر : تفاصيلَ بالفتح يا فلان ..
يرد المخبر و علامات الإحراج تملأ وجهه : الباء حرف جر.
فيرد الأشتر مرةً أخرى : تفاصيل على وزن تفاعيل لا يكسرها الجر بل يفتحها.
لقد أُفحم ذلك المخبر أيما إفحام .. فلم يستطع بعد ذلك سوا التمتمة ببعض الكلمات ، و ما إن
استكمل المخبر خطبته الغرّاء .. حتى أهالته تلك الصرخة التي رددها أتباع الحوثي ؛
الله أكبر .. الموت لأمريكا .. الموت لإسرائيل .. اللعنة على اليهود .. النصر للإسلام
المخبر في نفسه : مابش فايدة .. خذوهم فغلوهم .. و نار الغيظ تملأ قلبه و كيانه ..
فمر أبو عيسى من جانبه .. و قال له : خاطرك يا " فندم " ..
زادت تلك الكلمة ذلك المخبر غيظاً و امتهانا .. إذ عرف أن حقيقته باتت مكشوفة ..
و هاهم يقادون إلى زنزانتهم مرة أخرى .. و أبو عيسى متلهفٌ لإتمام حديثه مع الأشتر .. فصارت
الخطوات إلى الزنزانة كالمسير إلى فلاديلفيا ! .. شوقاً لذلك المنطق و تلك الحجج النيرة ..
سنعرف في الجزء القادم ما الذي سيجري ،،


المنبر نت

ليست هناك تعليقات: